يظل الحادي عشر من يناير يوما فارقا في التاريخ العماني الحديث، يوم تولَّى جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في السلطنة، قائدا للنهضة العمانية المتجددة، وقد حلَّت الذكرى الأولى لتولِّي جلالته ـ أعزَّه الله ـ حيث ستشهد عمان إنجازات تتجاوز الحدود في مختلف المجالات مع بدء انطلاق وتنفيذ “رؤية عمان 2040م”.
إن السلطنة تشهد متغيرات متجددة، تكون بداية للانطلاق نحو تقييم الأمور المالية والاقتصادية والاجتماعية في عصر المتغيرات المتلاحقة عالميا، خصوصا وأن السلطنة في العام الأول لتولِّي جلالة السلطان المعظم أطلقت الكثير من المبادرات للتطوير والتجديد في العديد من الأمور الإدارية، وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتخفيض المديونية، وترشيد المصروفات ودمج العديد من الشركات وتقاعد أعداد من الموظفين وغيرها.
يسير جلالة السلطان هيثم ـ أبقاه الله ـ على درب القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ ليستكمل بناء الدولة الحديثة على كل المستويات، مع علاقات سياسية متزنة عربيا وعالميا.
وفي خطوة جادة لمعرفة أسباب اختيار السلطان الراحل لجلالة السلطان هيثم يتضح من مسيرة جلالته أنه شغل العديد من المناصب، واكتسب الكثير من الخبرات من خلال زياراته ومشاركاته الخارجية السياسية، مما انعكس على إدارته للبلاد في السنة الأولى والتي تميزت بالتطوير والبناء والحسم أيضا، كما أطلق جلالة السلطان المعظم العديد من القرارات والمبادرات التي تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي والمالي في المقام الأول للوصول لرفاهية المواطن لاحقا، وتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين جودة التعليم والصحة، وإيجاد حلول للباحثين عن عمل، مع إيجاد بيئة محفزة للابتكار والتصنيع والإحلال وتطوير المهارات الشبابية وغيرها.
واليوم، نحتفي بمناسبة عزيزة علينا، الذكرى الأولى لتولِّي جلالة السلطان هيثم مقاليد الحكم في البلاد، تلك المناسبة التي تترافق مع العديد من الإنجازات التي سيفتخر بها أبناء الوطن على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها في نهضة متجددة شاملة ورؤية ثاقبة من قائد يملك مقومات القيادة والإدارة والحنكة لتحقيق ما تصبو إليه البلاد في المرحلة القادمة رغم التحديات والصعاب التي ستواجهها، ولكن جلالته بنظرته الثاقبة وفكره ورؤيته المستنيرة بدأ في إرساء دعائم التطوير والتغيير، على أمل إجراء تجديد وتطوير يمتدان إلى المؤسسات البرلمانية ليكون لدينا برلمان ومجلس تشريعي ذي صلاحيات رقابية قوية.
فالسلطنة، ومنذ تولِّي جلالته مقاليد الحكم تخطو خطوات واسعة وراسخة نحو البناء الشامل المتجدد في جميع المجالات للوصول إلى الهدف الأسمى، وهو جعل البلاد الأكثر ازدهارا ونموا وأمانا في العديد من المجالات، مع الحرص على توفير العيش الكريم للمواطن العماني الذي يعد محور التنمية وصمام الأمان.
كما سعى جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وتعزيز الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص لتتوافق مع سياسة الانفتاح على الخارج، واستقطاب المزيد من رؤوس الأموال والاستثمارات، ورفع القيود أمام المستثمرين والسياح لإنعاش الاقتصاد الوطني.
وخلال الفترة القادمة تسعى السلطنة إلى تعزيز موقعها السياحي، واستقطاب مزيد من السياح العرب والأجانب من خلال فتح التأشيرات لأكثر من 103 دول، وفتح وبناء المزيد من الفنادق والمنتجعات السياحية المتنوعة في مختلف محافظات السلطنة.
وخارجيا، ستظل السلطنة على سياستها الثابتة والمتزنة، سواء على الصعيدين الإقليمي والعربي، أو على الصعيد الدولي، بعدم التدخل في شؤون الآخرين مع حرصها الشديد على استتباب الأمن والسلام في المنطقة والعالم العربي ومساعدة الآخرين عندما يطلب منها كدولة لها حضور سياسي فعال ومتوازن على المستوى العربي والدولي. مع ترسيخ ثقافة الحوار بين الأديان والثقافات. وفي هذا السياق لا ننسى مشروع السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني الذي تم الإعلان عنه خلال الاحتفال باليوم العالمي للتسامح عام 2019 في جاكرتا.
واليوم ورغم آثار الجائحة والأزمة المالية وهبوط أسعار النفط، والملفات التي تحتاج للمعالجة داخليا، والأوضاع الملتهبة خارجيا والتوترات السياسية وغيرها، إلا أن جلالته ـ أبقاه الله ـ عمل على معالجة آثار هذه الأزمات والملفات من خلال إطلاق العديد من المشاريع والحزم المالية لتخفيف الخسائر والمديونية دون الإضرار بالمواطنين وبالقطاع الخاص، مع الإبقاء على سياسة الأبواب المفتوحة لرأب الصدع وتحسين الأجواء بين الفرقاء وتقريب وجهات النظر.
وعلى الحكومة أن تعمل على التخفيف عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وذلك من خلال دراسة السوق المحلي بشكل عميق ومعرفة تضحيات المواطنين، وكيفية إيجاد حلول تمكن الاقتصاد الوطني من الصمود في مواجهة الأزمات، وتقييم الأمور ووزنها بميزان الحكمة والعقلانية من المختصين على نحو يمكنها من اتخاذ القرارات المناسبة فهذه الأوقات الصعبة، فالاقتصاد هو شريان الحياة لأي بلد.
ومنذ أن حمل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لواء إعداد ومتابعة وتنفيذ رؤية “عمان 2040″، والشعب العماني على ثقة تامة بحكمة جلالته وبنهضة متجددة مزدهرة كبرى قادمة لا محالة بإذن الله، لتنطلق البلاد لمصاف الدول المتقدمة في كافة نواحي الحياة والاستفادة من مقوماته المتعددة، ولتواصل المسيرة المباركة في ظل قيادة جلالته السديدة.
واليوم نؤكد اعتزازنا الكبير بجهود جلالة السلطان المعظم، داعين الله عزَّ وجلَّ أن يحفظ جلالته ويسدد خطاه، ويسبغ عليه موفور الصحة وطول العمر لمواصلة دوره الداعم والبناء في تسخير كافة الموارد في هذه الأرض الطيبة والإمكانات لتكون عمان الأكثر نموا وازدهارا وأمنا وجذبا للاستثمار، ووطنا للخير والرفاهية والاستقرار والعدالة الاجتماعية.. فكونوا سندا له بقلوبكم وعقولكم، وكونوا على يقين بأن التغيير بحاجة لصبر وتضحيات، وأن القادم سيكون أفضل بإذن الله تعالى، فرحم الله أعزَّ الرجال وأنقاهم جلالة السلطان قابوس وطيَّب ثراه، وحفظ الله لنا جلالة السلطان هيثم، فعُمان ستزهو وتنمو وتتقدم بكم يا سيدي.. والله من وراء القصد.
د. احمد بن سالم فرج باتميرا
batamira@hotmail.com