شهد التعداد السكاني في الكويت خلال عام 2020 أعلى معدل تراجع سنوي منذ حوالي 30 عاماً، إذ تراجعت اعداد الوافدين بشدة، في حين استمر عدد المواطنين الكويتيين في التزايد.
وأرجع تقرير لبنك الكويت الوطني، تلقى “مباشر” نسخته اليوم الاثنين، تراجع أعداد الوافدين إلى التداعيات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تزامناً مع التعديلات المقترحة على قانون الإقامة واستمرار تطبيق سياسات توطين الوظائف، مما أدى إلى تسريح الشركات لعدد كبير من الموظفين في ظل ضعف النشاط الاقتصادي.
تراجع نمو السكان في الكويت في عام 2020
وفقاً لأحدث البيانات الديموغرافية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، انخفض عدد سكان الكويت بنسبة 2.2% على أساس سنوي في عام 2020 إلى 4.68 مليون نسمة، بعد زيادة قدرها 3.3% في عام 2019.
ويعود هذا التغيير إلى النمو المتواضع في اعداد المواطنين الكويتيين (+ 2.0%) والانخفاض الحاد في أعداد الوافدين (-4.0%). إذ تراجعت نسبة الوافدين لإجمالي أعداد السكان إلى 68.7% فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ سبعة أعوام.
ومنذ بداية الجائحة وما تبعها من فرض التدابير الاحترازية والإغلاق، غادر البلاد أكثر من 130 ألف وافد، بعد أن أجبر التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الجائحة بعض الشركات على خفض القوى العاملة.
كما أدى فقد الوظائف وارتفاع تكاليف المعيشة إلى مغادرة أسر بعض العمالة الوافدة إلى موطنهم، إذ انخفض عدد الوافدين الملتحقين بعائل بنسبة 0.4% على أساس سنوي في عام 2020 بعد انخفاضه بنسبة 0.3% في عام 2019.
اتساع شريحة الشباب يزيد من الضغوط لتوفير فرص العمل
على الرغم من التباطؤ المستمر في نمو أعداد المواطنين الكويتيين ممن تقل أعمارهم عن 15 عاماً (انخفض إلى 0.2% على أساس سنوي في عام 2020 مقابل 0.4% في عام 2019، فيما بلغ 2.0% في عام 2013)، إلا أن تلك الشريحة السكانية البالغ عددها حوالي 493 ألف مواطن ما تزال تشكل أكثر من ثلث سكان الكويت.
وفي ذات الوقت، ظل نمو عدد المواطنين في سن العمل فوق سن 15 عاماً مستقراً عند مستوى 2.7% خلال العامين الماضيين.
ويؤكد تزايد تلك الفئة العمرية من الشباب على الحاجة الملحة لخلق عدد كبير من فرص العمل في السنوات القادمة لاستيعاب العدد المتزايد من الشباب الذين سيدخلون سوق العمل في نهاية المطاف.
تراجع إجمالي عدد الوظائف نتيجة لتقلص وظائف العمالة الوافدة
بعد نمو إجمالي عدد الوظائف بنسبة 4.9% على أساس سنوي في عام 2019، عادت لتسجل في عام 2020 أكبر انخفاض تشهده منذ حوالي 30 عاماً تقريباً بنسبة 4.2%.
وانعكس ذلك على نمو نشاط التوظيف بين المواطنين الكويتيين بوتيرة متواضعة وانخفاض شديد في وظائف العمالة الوافدة.
وتراجع نمو معدلات توظيف المواطنين الكويتيين من 2.4% في عام 2019 إلى 2.1% في عام 2020، في ظل تداعيات الجائحة والتي أثرت بشدة على القطاع الخاص (-1.2%).
من جهة أخرى، كان أداء القطاع العام جيدًا (+ 2.7%) مقارنة بالقطاع الخاص فيما يعزى إلى حد ما لجهود التكويت.
في المقابل، انخفض توظيف الوافدين بنسبة 5.2% في عام 2020 بعد زيادة بنسبة 5.4% في العام السابق على خلفية تراجع فرص العمل في كلا القطاعين العام (-3%) والخاص (-5.3%).
إلا انه بالنظر إلى العدد الإجمالي، نلحظ أن وظائف العمالة المنزلية كان أقل تأثراً نظراً لانخفاضها بنسبة 1.5% فقط في عام 2020.
وفي واقع الأمر، سمحت الحكومة ببدء عودة العمالة المنزلية إلى البلاد بمجرد استئناف الرحلات الجوية.
وباستثناء العمالة المنزلية، انخفضت اعداد العمالة الوافدة بنسبة 6.7% نتيجة للتراجع الحاد في أنشطة توظيف القطاع الخاص (-7% مقابل + 2.2% في عام 2019).
ويكمن السبب الرئيسي وراء انخفاض وتيرة توظيف العمالة الوافدة في القطاع الخاص (باستثناء العمالة المنزلية) في الانخفاض الحاد الذي شهدته وظائف قطاع البناء والتشييد (-12.9% على أساس سنوي) والعقار (-6.3%)، وذلك تماشياً مع ضعف نشاط انجاز المشاريع وقلة الطلب على المساكن خلال فترة الجائحة.
كما انخفضت أعداد العمالة الوافدة في قطاعات أخرى مثل التصنيع (-6%) والفنادق والمطاعم (-3.4%). ويسلط هذا الاتجاه الضوء على أن الأعداد الهائلة من العمالة الوافدة من ذوي الأجور المنخفضة والمهارات المحدودة كانوا الأكثر تضرراً من تداعيات الجائحة.
وتشير تقديرات “الكويت الوطني”، التي تستند إلى بيانات المؤهلات العلمية الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، إلى أن حوالي 95% ممن فقدوا وظائفهم من العمالة الوافدة كانوا من ضمن فئة العمال ذوي المهارات البسيطة، مما يمثل معدل أعلى قليلاً من حصتهم ضمن العدد الإجمالي للعمالة الوافدة في القطاع الخاص.
ومن المتوقع استمرار وتيرة رحيل العمالة الوافدة خلال الفترة المقبلة على خلفية التغييرات المقترحة على قانون الإقامة، ومواصلة تطبيق سياسات توطين الوظائف واضطرار الشركات لتسريح موظفيها في ظل ضعف البيئة الاقتصادية.