تعرف «ميتافيرس» بأنها سلسلة من العوالم الافتراضية التي تضم تفاعلات لا حصر لها بين المستخدمين من خلال الصور الرمزية الخاصة بكل مستخدم، والتي ربما لن تقتصر على ممارسة الألعاب والترفيه فقط، بل ستتيح هذه التقنية كذلك العديد من التفاعلات الخاصة بالأعمال.
في الواقع، ستأخذ هذه الثورة التكنولوجية العالم إلى استخدام الواقع المعزز في كل المجالات، لكن الاستثمار في هذه التقنيات يشي بأمور كثيرة في المستقبل، أو ما بات يعرف بثورة ما بعد الإنترنت، إذ بدأت فعلياً شركات عدة رحلة البحث أو العمل ضمن الـ«ميتافيرس».
وتوقع تقرير لوحدة المعلومات في «بلومبيرغ» أن يبلغ حجم سوق «ميتافيرس» 800 مليار دولار عام 2024، وهو ما يطرح السؤال: كيف يمكن للأعمال التجارية تحقيق أقصى استفادة من «ميتافيرس»؟
منجم ذهب
أجهزة الواقع الافتراضي ليست متوافرة إلا مع قليل من الناس في الوقت الحالي، وسيتعين على تقنية «ميتافيرس» معالجة المخاوف المتعلقة بالخصوصية وتخوف البعض من السيطرة والإدمان.
ولكن أحد كبار اللاعبين في مجال التكنولوجيا يرى الأمور بزاوية مختلفة، إذ ترى أكبر شركة تصنيع رقائق لألعاب الفيديو أن «ميتافيرس» ستنتشر أسرع مما نعتقد، وقد تكون منجم الذهب التالي للتكنولوجيا.
في عام 2003 دُشِّن عالم افتراضي مبكر أُطلق عليه اسم الحياة الثانية (Second Life). انطلقت الحياة الثانية بعد بضع سنوات على تدشينه حيث تسابقت الشركات لبناء صالات عرض افتراضية والتباهي بإمكاناتها، لكن ما لبثت معظم الشركات أن فقدت اهتمامها بالموضوع.
ومع ذلك، بينما كانت الشركات تبيع بضاعتها لفترة وجيزة في الحياة الثانية، كان ينبغي عليها أن تستفيد من بعض الدروس. أحدها أن العوالم الافتراضية الغامرة يمكن أن تكون وسيلة غير فعالة للإعلان التقليدي، لكنها قد تكون قناة مثيرة للاهتمام لتحفيز وتسريع مهارات القيادة. وكما تقول برناديت كوليس من جامعة ايزيغ للإدارة التي درست الحياة الثانية: «بشكل عام، التحكم في التسويق يتجه بعيداً عن العلامة التجارية نحو العملاء، وفي المساحات عبر الإنترنت، يعد هذا الأمر أكثر أهمية».
حصاد البيانات
تقول لي هوليس من شركة بي ايه كونسالتينغ التي شاركت في الحياة الثانية: «سيكون حصاد البيانات وتجميعها عملاً ضخماً، وسيكون هناك الكثير من الطرق الجديدة لكسب المال أيضاً». فعلى سبيل المثال، في العالم الافتراضي المتداخل للألعاب عبر الإنترنت، تدرس هوليس كيفية شراء اللاعبين لمنتجات «مستحضرات التجميل» لتجميل صورهم الرمزية، على الرغم من أن التحسينات لا تفعل شيئاً لتحسين الأداء عبر الإنترنت.
وتشير هوليس إلى أن الواقع الافتراضي «تجربة مباشرة، أقرب ما تكون إلى العمل في شركة وتجربتها شخصياً».
ووجد الباحثون الذين درسوا الحياة الثانية أنها أعطت الناس فرصة لتجربة هويات مختلفة وأساليب جديدة. فمجرد تخصيص الصور الرمزية حفّز خيالهم، وفتح اللعب بخيارات مختلفة لهم إمكانات جديدة عندما خرجوا من العالم الافتراضي. كما أكدت تجربة العمل عن بعد، أنه يمكن أن يكون التعاون الافتراضي أكثر شمولاً، مما يسمح لمجموعة أكثر تنوُّعاً من الأشخاص بالمشاركة.