قالت المديرة المساعدة في وكالة «ستانداد آند بورز» روان عويدات: إن شركات النفط الوطنية، والشركات الكبيرة العاملة في مجال البتروكيماويات المملوكة للدولة بدول الخليج في وضع أفضل لمواجهة التأثير المتزايد والمتسارع لتحوُّل الطاقة على المدى المتوسط إلى الطويل، مقارنة بنظيراتها العالمية.
وأضافت أن هذه الجهات الفاعلة، لا سيما شركات النفط الوطنية، تستفيد من الاحتياطيات الكبيرة والوافرة والرؤية الجيدة للتدفق النقدي والملامح الجذابة للتكلفة التنافسية، إضافة إلى قاعدة مساهمين قوية من الحكومات ذات التصنيف السيادي المرتفع.
وذكرت أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، عمل مجتمع المستثمرين العالميين على زيادة التدقيق في شركات النفط الكبرى والاستراتيجيات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، ومن الأمثلة على ذلك الحكم القضائي الصادر ضد شركة شل للحد من انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة %45 بحلول 2030، مشيرةً الى أنه من غير المرجح أن يمارس المستثمرون أو المساهمون أو الناشطون أو المنظمات غير الحكومية أو ببساطة المجتمع الأوسع، ضغوطاً على شركات الطاقة في بلدان الخليج بالقدر نفسه الذي تمارسه على الشركات المدرجة في أوروبا أو أميركا الشمالية، على الأقل في المدى القصير إلى المتوسط. وهو ما يمنح شركات النفط الوطنية في دول مجلس التعاون مزيداً من الوقت لإدارة المرحلة الانتقالية وتنفيذ التغييرات الإستراتيجية.
قوة المساهمين
من منظور التصنيف البحت، قالت عويدات إن التحديات المتزايدة التي يفرضها انتقال الطاقة على هذه الشركات قد جرى تخفيفها إلى حد ما في الوقت الحالي من خلال قوة المساهمين السياديين المعنيين.
وأضافت: «يملك هؤلاء المساهمون حافزاً قوياً لدعم قطاع ذي أهمية كبيرة للاقتصاد المحلي و / أو إنشاء نظام بيئي ملائم للسماح لشركات النفط الوطنية والكيانات الحكومية بالنمو والتطور على الرغم من الديناميكيات العالمية المتغيرة، لكن كما هو الحال بالنسبة للشركات على مستوى العالم، نعتقد أن إستراتيجية الاستدامة الشاملة أمر أساسي لجودة الائتمان لدى هذه الشركات وسوف تصبح أكثر أهمية».
مخاوف متزايدة
وتابعت: «على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن الربحية والتقلبات والتحول الكلي للطاقة، فإننا ننظر إلى العمر الاحتياطي الطويل، وتكاليف الإنتاج المنخفضة لشركات النفط الوطنية الخليجية على أنها تدعم معدلات الائتمان والميزانيات العمومية على المدى القصير إلى المتوسط».
وعلى الرغم من أن المنطقة لا تزال في بداية جذب المستثمرين الدوليين لإصداراتها من الديون، فإن النتائج التي توصلت إليها «ستاندارد آند بورز» تشير إلى أن أسواق رأس المال لا تميز بين الشركات الخليجية بناءً على مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية المتصورة، على الأقل في الوقت الراهن. كما أن الإقبال على إصدارات شركات النفط الوطنية الإقليمية كان قوياً، كما يتضح من زيادة الاكتتاب في إصدار سندات قطر للبترول في يونيو 2021، وإصدار سندات «أرامكو السعودية» الافتتاحية لعام 2019.
وبشكل إجمالي، تبدو التكاليف بالنسبة لشركات الطاقة في الإمارات أعلى مقارنة بالشركات الأخرى. وقد يشير هذا إلى زيادة إدراك المستثمرين لاعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، ولكنه يمثل أيضاً عدداً أكبر من الشركات ذات التصنيف المنخفض في القطاع. والقصة هي عكس ذلك تماما في السعودية، حيث يتمتع قطاع الطاقة بتكاليف تمويل أقل من الصناعات الأخرى، بما في ذلك الصناعات السيادية.
تكاليف تمويل أقل
وأضافت أنه عند النظر إلى المبالغ الإجمالية، فإن الشركات في قطاع الطاقة في دول الخليج لا تواجه تكاليف تمويل أعلى من الشركات الإقليمية الأخرى أو حتى البنوك. والواقع أن تكاليف التمويل لقطاع الطاقة أقل حالياً من تكاليف الشركات الأخرى وتتوافق نسبياً مع نظيراتها الروسية وشركات النفط الكبرى.
وبشكلٍ عام، تستفيد دول الخليج أيضاً من المواد الأولية الغازية المنخفضة الكثافة مثل الميثان والإيثان في الإنتاج في المراحل النهائية مع تكاليف رفع منخفضة للغاية. وهذا يعني أن الجهات الفاعلة الإقليمية في مجال الطاقة هي بالفعل في وضع أفضل من منظور انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بنظيراتها العالمية، بل وحتى نظيراتها المنخفضة التكلفة في روسيا.
بيد أن هذا لا يعني أن القطاع محصن في المنطقة مقارنة بنظرائه في العالم. ففي وقت سابق من هذا العام، على سبيل المثال، خفضت «ستاندراد آند بورز» تقييمها لمخاطر الصناعة لقطاع التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما، الأمر الذي يقيد تقييم مخاطر الأعمال، من أجل الأخذ بالحسبان انخفاض الربحية وزيادة التقلبات والتأثير الإجمالي الناجم عن انتقال الطاقة.
وخلصت عويدات إلى أنه نتيجة لذلك وحتى لو كان لدى الجهات الفاعلة في مجال الطاقة في المنطقة مزيد من الوقت للتكيف مع تأثير انتقال الطاقة، فهي غير محصنة ضد اتجاهات القطاع.