لا غرو أن يُكتشف أكبر حقلٍ للغاز الصخري على مستوى العالم في منطقة الأحساء وهو حقل الجافورة فقبله حقل (الغوَّار) الذي يُعد أكبر حقلٍ نفطيٍ على وجه الأرض فضلاً عن الحقول الأخرى، التي يبلغ إنتاجها ملايين البراميل من الزيت الخام يومياً حيث يتركَّز معظم النفط السعودي في هذه المنطقة الوفيرة في خيراتها والعجيبة في خصائصها ومقوماتها ومكوناتها ومقدراتها ومكتسباتها بل وفي طبيعة أرضها وتضاريسها وتربتها ومكوِّنها الحضاري بوجهٍ عام وبحقل الجافورة الذي يبلغ طوله 170 كلم وعرضه 100 كلم ستزيح المملكة روسيا من أكبر مصدري الغاز الطبيعي بعائدٍ سنويٍ يبلغ 8 مليارات دولار وبحجم استثمارٍ يقدر بمبلغ 110 مليارات دولار.
ونعود للنفط الذي تم اكتشافه فيها عام 1350هـ حيث حضر خبراء التنقيب وكشفت أعمالهم عن وجود طبقةٍ سميكةٍ من النفط النادر في أراضيها وعلى ضوء ذلك تأسست شركة أرامكو عام 1353هـ وأصبحت فيما بعد أكبر شركةٍ منتجةٍ للزيت الخام والغاز في العالم وأضخم حقول النفط في الأحساء كما أسلفنا هو حقل (الغوَّار) الذي يُعادل ضعف مساحة لبنان وينتج 6 ملايين برميلٍ من الزيت الخفيف يومياً أما الغاز الطبيعي لهذا الحقل فيُعَد المصدر الرئيسي لاحتياطات الغاز في المملكة وتنتشر معامل استخراج النفط من الآبار الواقعة على هذا الحقل في أرجاء المنطقة ويعمل فيها الكثير من أبناء الأحساء ويتبوأون مناصب قيادية كما توجد العديد من الحقول في أصقاع الأحساء تغذي الاقتصاد الوطني بأكبر مورد.
ونفذت أرامكو مشروعاتٍ ضخمةً لزيادة طاقتها الإنتاجية بشكلٍ تدريجي إلى 12 مليون برميل من الزيت الخام يومياً للمساعدة في تلبية زيادة الطلب على النفط وتحقيق مستقبلٍ آمنٍ للطاقة ولا تقتصر مشروعاتها على إنتاج الزيت؛ بل تشمل زيادة طاقة إنتاج الغاز الطبيعي والبتروكيماويات والتكرير والتسويق وإجمالي كميات الغاز التي تعالج يومياً في الأحساء تقدر بـ 9 ملياراتٍ ومليون قدم مكعب عبر خمسة معامل وبذلك تحتل المملكة المركز الرابع عالمياً في احتياطي الغاز وتُعَد من أكبر دول العالم تصديراً للغاز الطبيعي المسال.
أما الآن بعد اكتشاف الغاز الصخري في حقل الجافورة فسوف تتصدر المملكة المركز الأول عالمياً حيث تجري شركة أرامكو السعودية أعمال الحفر والاختبارات المبدئية لإنتاج الغاز الصخري من هذا الحقل الذي سيعزز مكانة المملكة في قطاع الطاقة بتحقيق دخلٍ صافٍ يقدر بـمبلغ 32 مليار ريال والمساهمة في الناتج المحلي بنحو 75 مليار ريال سنوياً خصوصاً وأن حجم موارد الغاز في مكمنه يقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعب من الغاز بما يصب في اتجاه تطبيق الرؤية 2030حيث يحقق التنوع الاقتصادي بعيداً عن تصدير النفط الخام وهذا يعطي حصانةً للاقتصاد السعودي ويؤدي إلى التخفيف من التقلبات التي تشهدها أسواق النفط العالمية وهذا الاكتشاف المعلن من الغاز يمثل احتياطياً ضخماً على الرغم من التكاليف العالية للاستثمار في هذا الحقل التي قد تصل إلى 110 بلايين دولار كما ذكر الدكتور محمد الصبان المستشار الاقتصادي والخبير النفطي، إلا أننا سنجني الفائدة من هذه الاستثمارات مستقبلاً للأجيال الواعدة، حيث قد يصل الإنتاج إلى 2,10 تريليون متر مكعب بحلول 2036م وهو ما يمثل 25% من الإنتاج الحالي من الغاز وسينتج هذا الحقل 130ألف برميل يومياً من غاز الإيثان و500 ألف برميل من سوائل الغاز الرطب وسيغطي النقص الكبير في احتياجاتنا المحلية مبيناً أن الدولة تستهدف ضمن الرؤية 20-30 أن يكون توليد الكهرباء يمثل 70% غازاً طبيعياً و30% مصادر طاقة متجددة مثل الشمسية لافتاً إلى أن تقرير اللجنة العليا للمواد الهيدروكربونية برئاسة سمو ولي العهد يشير إلى أن إيرادات الدولة السنوية ستكون 8,6 بلايين دولار وسيضيف إنتاج هذا الحقل حوالي 20 بليون دولار سنوياً للناتج المحلي الإجمالي.