الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا طالت جميع اقتصاديات العالم بلا استثناء، بمن فيهم أقوى اقتصاد عالمي – الولايات المتحدة الأميركية- التي ارتفع فيها التضخم خلال شهر سبتمبر الماضي بأسرع وتيرة منذ 30 عاماً، ما ينذر بمخاطر على النمو والوظائف ؟ولفهم ما حدث ببساطة، تنشط الاقتصادات وتعمل وفق طبيعة دورية، تبدأ بتوسع النشاط الاقتصادي فبلوغه مرحلة الذروة ثم يبدأ في الركود، وبعد ذلك يصل إلى القاع إلى أن يبدأ في التعافي، وهو ما حدث في العالم خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، فعندما تدور عجلة الإنتاج وينمو الاقتصاد، تكون هناك فرص عمل أوفر، وبالتالي يزيد الإنفاق.
في أثناء ذلك، وخلال ارتفاع دخل السكان، يستمر إنفاقهم المتزايد، مع استمرار الأسعار في الارتفاع وفق قانون العرض والطلب، ما يزيد الأمر تأزماً، حيث إنه عند مرحلة ما، قد لا تستطيع الشركات مجاراة الطلب المتنامي، وهنا تزيد الأسعار بصورة كبيرة ويتفاقم التضخم الاقتصادي وتضعف القدرة الشرائية.
وزارة التجارة الأميركية أصدرت بيانات مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي لشهر سبتمبر، والتي كان يترقبها المستثمرون، إذ إنها المفضلة لدى الاحتياطي الفدرالي. وكشفت أن التضخم في سبتمبر ارتفع في أميركا بأسرع وتيرة له منذ أكثر من 30 عاماً وذلك على الرغم من انخفاض الدخل الشخصي.
فمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بما في ذلك الغذاء والطاقة ارتفع %4.4 على أساس سنوي في سبتمبر، مسجّلاً أسرع وتيرة له منذ يناير 1991.
وبعد استبعاد تكاليف الغذاء والطاقة، ارتفع المؤشر، تماشياً مع توقعات داو جونز، بـ%3.6 لفترة 12 شهراً، وجاءت ارتفاعات التضخم المستمرة مع انخفاض الدخل الشخصي بـ%1 في سبتمبر على أساس سنوي، أي أكثر من التوقعات بـ%0.4، بينما ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بـ%0.6 للفترة نفسها، تماشياً مع توقعات وول ستريت.
القارة العجوز
في المقابل، قفز التضخم في منطقة اليورو بشكل تجاوز التوقعات في أكتوبر ليصل إلى أعلى مستوياته في 13 عاماً، وهو ما يفاقم أزمة البنك المركزي الأوروبي الذي ظل يقلل من تقدير نمو أسعار المستهلكين خلال العام المنصرم.
وارتفع معدل التضخم في 19 دولة تتعامل باليورو إلى %4.1 في أكتوبر، ارتفاعاً من %3.4 في الشهر السابق، ومتجاوزاً توقعات عند %3.7. وزيادة أسعار المستهلكين بمعدل %4.1 تمثل أكثر من مثلي المعدل المستهدف لدى البنك المركزي الأوروبي.
يذكر أن هذا الرقم هو الأعلى منذ يوليو 2008 وهو يعادل أسرع معدل منذ إطلاق سلسلة البيانات المعروفة باسم مؤشر أسعار المستهلكين في 1997.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) أن الارتفاع كان مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة وزيادات ضريبية وتنامي ضغوط الأسعار نتيجة اختناقات العرض التي تحد من الإنتاج الصناعي، لا سيما في صناعة السيارات.
هذا، وقفزت أسعار الطاقة وحدها بنسبة %23 مقارنة بعام مضى، وهو ما يجعلها المساهم الأكبر في التضخم. وشهدت الخدمات تضخماً بنسبة %2.1، بعدما ظل نمو الأسعار فيها محدوداً للغاية لسنوات.