بغض النظر عن حالة عدم اليقين إزاء الطلب على النفط على المدى القريب وزيادة إمدادات «أوبك» وحلفائها، تبدو مخاطر أسعار النفط متوازنة إلى حد كبير، مع ميلها بشكل طفيف نحو الارتفاع، مشيراً إلى أن تسارع وتيرة برامج اللقاحات العالمية خلال الأشهر المقبلة، سينتج عنها نمو النشاط الاقتصادي، وبالتالي تزايد الطلب على النفط. كما ستساهم حزم التحفيز المالية، مثل الحزمة التي أقرها الكونغرس الأميركي بقيمة 1.3 تريليون دولار في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي.
واستقرت أسعار النفط (مزيج خام برنت) في حدود 62 إلى 63 دولاراً للبرميل بعد قرار «أوبك» وحلفائها تخفيف تخفيضات الإنتاج في مايو ويوليو، إذ تنتظر الأسواق أنباء إيجابية على صعيد الطلب على النفط لاستئناف مسارها التصاعدي. من جهة أخرى، ساهم تحسن توقعات صندوق النقد الدولي، وفقاً لتقرير آفاق نمو الاقتصاد العالمي، في تعزيز الطلب على النفط في عام 2021، إلا أنه من غير المتوقع أن يشهد مكاسب حتى النصف الثاني من العام مع بداية موسم الصيف، وبعد ذلك من المفترض أن يتسارع تراجع المخزون عن مستوياته التي ما زالت مرتفعة.
فمخاوف الطلب على النفط على المدى القريب أثرت بشكل متزايد على معنويات السوق، خصوصاً بعد أن أعادت أوروبا والهند فرض القيود على التنقل لاحتواء تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا. على الرغم من ذلك، يبدو أن الموقف الحذر الذي اتخذه السوق كان أكثر انسجاماً مع الواقع الحالي غير المؤكد للطلب على النفط إلى حد ما.
تقلص الإنتاج
كماأن تخفيضات إنتاج «أوبك» وحلفائها سوف تتقلص بمقدار 350 ألف برميل يومياً في مايو، وذلك بإضافة 350 ألف برميل يومياً في يونيو و450 ألف برميل يومياً في يوليو. كما ستوقف السعودية أيضاً خفضها الإضافي الطوعي البالغ نحو مليون برميل يومياً، بإضافة 250 ألف برميل يومياً في مايو، و350 ألف برميل يومياً في يونيو، و400 ألف برميل يومياً في يوليو. ومع بداية شهر يوليو، سيزداد الإجمالي التراكمي لإمدادات «أوبك» وحلفائها بمقدار 2.1 مليون برميل يومياً، لتصل إلى 36.34 مليون برميل يومياً، وهو سقف الإنتاج الذي كان من المفترض أن يتم الوصول إليه في يناير الماضي. وسيستمر هذا المستوى من الإنتاج حتى أبريل 2022 وفقاً للجدول الزمني الصادر في أبريل 2020، على الرغم من أن «أوبك» وحلفائها قد تتجه إما لإيقاف التخفيضات مؤقتاً أو تعميقها (بما لا يزيد على 500 ألف برميل يومياً) في اجتماعها المقبل المقرر انعقاده في 22 أبريل.
وفي حين أن تحسن توقعات الطلب يمثل أنباء جيدة لـ «أوبك» وحلفائها، إلا انه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين على المنظمة القيام به لخفض مستويات المخزون العالمي إلى متوسط السنوات الخمس الماضية. فوفقاً لوكالة الطاقة الدولية، ظلت المخزونات في يناير أعلى من المستوى المستهدف بمقدار 63.2 مليون برميل. إلا انه على الرغم من ذلك، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن العرض من خارج «أوبك» سيستغرق وقتاً أطول للتعافي مما سيتيح فرصة لمنتجي «أوبك» لتلبية الطلب المتزايد. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على إنتاج «أوبك» من النفط إلى 29.3 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2021، وهو الأعلى منذ أكثر من عامين.