تكافح الشركات الكبرى المختصة في تصنيع المنتجات الواسعة الاستهلاك، من أجل استيعاب ارتفاع أسعار المواد الأولية ومواد التغليف والنقل ومصاريف لوجيستية أخرى، لكن الاعتماد على الأرباح لن يطول وفق تقرير لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، توقع لجوء هذه الشركات إلى رفع أسعار منتجاتها في بعض الدول.
ولفت التقرير إلى أن هذه الشركات العملاقة من «دانون» إلى «موندليز» مرورا بعملاق مواد التنظيف «ريكيت بنكيزر» وشركات المواد الغذائية والمنتجات واسعة الاستهلاك، قلقة من ارتفاع التكاليف التي يتعين عليها امتصاصها.
ورغم أن الطلب العالمي على منتجات هذه الشركات ارتفع بشكل غير مسبوق بفضل حملات التطعيم ورفع القيود الصحية والانتعاش الاقتصادي ومخططات الدعم، خاصة مخطط الدعم الأميركي والرغبة في الاستهلاك، إلا أن عودة الاقتصاد العالمي، أدت إلى إجهاد المصانع وسلاسل التوريد، كما تسببّت في ارتفاع أسعار المواد الأولية الزراعية ومواد التغليف وارتفاع التكاليف اللوجيستية، وأيضا ارتفاع تكاليف العمل واليد العاملة التي لا يكفي عددها في بعض الأحيان.
تحديات كبرى
فبعد أن أطلقت إشارات إنذار مطلع العام الجاري حول هذه التكاليف الإضافية، كانت مجموعة «يونيليفر» أول من أعلن بالارقام في 22 يوليو الماضي عن انخفاض في أرباح النصف الاول بنسبة 5 % الى 3.1 مليارات يورو، وعزت السبب الى الاستثمارات التي أطلقتها لدعم علاماتها، ولكن أيضا إلى تضخم تكاليف التغليف والمواد الاولية الغذائية.
وتتوقع «يونيليفر» تضخما في أسعار موادها الاولية بنسبة تتراوح من 16 الى 19 في المئة طيلة العام الجاري، بينما توقعت «ريكيت بنكيزر» ارتفاعا سنويا بنسبة من 50 الى 100 في المئة في أسعار الورق والكرتون والبلاستيك وبعض المواد التي تدخل في صناعة الصابون.
والصناعات الغذائية ليست هي الأخرى في مأمن من هذه الارتفاعات بعد ارتفاع أسعار النفط الخام وكل مشتقاته ومنتجات العناية الصحية الى البلاستيك والكرتون للتغليف مرورا بزيت الصويا، فدانون ونستله وليندت، تتحدث عن ارتفاع تكاليفها بين 4 و10 في المئة. وبحسب تصريحات لمارك شنايدر الرئيس التنفيذي لنستله المالكة لكل من نسبريسو وبورينا وبيريه ونيسكويك، فإن هذا التضخم سيستمر خلال النصف الثاني من السنة الجاري وتداعياته ستكون أقوى نهاية العام.
موجة مستمرة
ولمواجهة هذه الموجة التي يبدو أنها لن تهدأ، استعدت كبريات الشركة بحسب لوفيغارو للمعركة، وقد سمح التحوط من تقلبات الأسعار وهي عملية كلاسيكية تشمل المواد الزراعية والصناعية الخام، بتخفيف الصدمة خلال الشهور الأولى من السنة، ولكن هذه الاستراتيجية لن تكون ممكنة على المدى البعيد بحسب شركة مونيدليز المالكة لكل من اوريو وميلكا وغيرها من العلامات. كما ان تكاليف النقل والشحن لا يمكن تغطيتها وفق فرنسوا غرازفيي روجي المدير المالي لدى نستله.
أما بعض الشركات مثل Procter & Gamble (المالكة لبامبرز واريل واولوايز) فقد اعلنت ان التكاليف الاضافية بلغت نحو 2 مليار يورو منذ عام ما دفعها إلى استبدال بعض المكونات بأخرى أرخص وفق رئيسها ديفيد تايلور. وقد تكون هذه التغيرات في المداخيل محفوفة بالمخاطر وطويلة المدى، فبعض الشركات يمكن أن يتحمل التكاليف الاضافية في حال وقوع ازمة من خلال تقليص الأرباح، فنستله ويونيليفر تخليتا عن هدف رفع هوامش الارباح هذا العام مكتفيتين بتثبيتها عند 17.5 في المئة بالنسبة للشركة الاولى و18.5% بالنسبة للمجموعة الثانية، أما «ريكيت بينكيزر» فقد خفضت ايضا هدف الهامش التشغيلي، لكن هذا التراخي مع الأرباح وإن كان مؤقتا له حدوده، ذلك ان هذه الشركات ترغب في الاحتفاظ بهامش مناورة بأي ثمن، بهدف الاستثمار في ماركاتها وعدم تفويت فرصة الانتعاش الاقتصادي.