تضاعفت الدعوات بشأن بدء حركة تصحيح في سوق الأسهم. ورغم عدم وقوع أي تغييرات حتى الآن في المؤشرات الكبرى، لكن يمكن القول أن نسبة كبيرة من حيوية ونشاط السوق قد استُنزفت.
باتت موجات الصعود الكبيرة شأنا من شئون الماضي. وقد مرت على مؤشر “إس أند بي 500” أربعة وثلاثون يوما دون أن يرتفع بنسبة 1% في أي يوم منها، في أطول فترة لا تشهد هذا الارتفاع منذ 20 شهرا.
كما أن عدد الشركات التي تشعر بضغوط كبيرة على أسعار أسهمها مازال في ازدياد، حيث تكشف بيانات “مورغان ستانلي” أن أكثر من نصف الأسهم المدرجة على المؤشر شهدت موجات صعود إلى القمة وهبوط إلى القاع، وفقدت على الأقل 10% من قيمتها منذ مايو الماضي.
وكان أداء أسهم الشركات الصغيرة أسوأ، إذ أن 90% من أسهم مؤشر “راسل 2000” مرت بموجة التصحيح وفقدت 10% من قيمتها.
نشبت حالة من الخمول والفتور وأدت إلي عدم الارتياح بين أنصار السوق. وفي حين أن مؤشر “إس أند بي 500” سجل انخفاضا خمسة أيام متتالية دون أن يفقد أكثر من 2% من أعلى مستوى بلغه، يرى البعض أن المسرح قد تهيأ لرحلة هبوط أشد وضوحا. وأصدر محللون استراتيجيون من بنكي “غولدمان ساكس” و “سيتي غروب” تحذيرات جديدة حول إمكانية أن ينقلب صعود المؤشر إلى صدمات سلبية.
قال فيل بلانكاتو، الرئيس التنفيذي لشركة “لادينبيرغ ثالمان وشركاه” (Ladenburg Thalmann & Co.) : “إنها الأسابيع الستة المقبلة هي أكثر ما أخشاه”، في إشارة إلى خطة بنك الاحتياطي الفيدرالي الرامية إلى تخفيض التحفيز النقدي ومخاطر زيادة الضرائب. وأضاف: “إن السوق تمر بدرجة من درجات الجذر حاليا”.
انخفضت أسعار الأسهم في أول أسبوع منذ ثلاثة أسابيع، إذ بات المستثمرون في ترقب لتوقيت إجراءات تخفيف التحفيز النقدي بسبب مجموعة من البيانات الاقتصادية المختلطة. انخفض مؤشر “إس أند بي 500” بنسبة 1.7% في حين فقد مؤشر “راسل 2000” 2.8% من قيمته. وكان أداء مؤشر “ناسداك 100” أفضل منهما بسبب المكاسب التي حققتها أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة مثل “فيسبوك”.
وجاءت التصريحات المتشائمة قليلة جدا ومتباعدة زمنيا، بعد أن عوقب من باعوا أسهمهم ثم ارتفعت أسعارها خلال العام الحالي بنسبة 20%. أما من يبيعون الأسهم المقترضة (short sellers) فقد تلاشوا تقريبا، بينما اضطر المحترفون ممن يتنبأون بحركة السوق إلى رفع مستهدفات نهاية العام بعد أن صعد “إس أند بي 500” متجاوزا بكثير أكثر التوقعات التي أعلنوها في ينايرالماضي تفاؤلا.
خفض الرهانات
قامت صناديق التحوط بتخفيض رهانها على أداء سلبي ضد حركة السوق الواسعة، وانخفضت الأسبوع الماضي استثمارات الصناديق قصيرة الأجل، التي تتخذها تحوطا ضد منتجات كلية مثل صناديق المؤشرات وصناديق المؤشرات المتداولة، إلى أدنى مستوى لها منذ يناير الماضي، وذلك بحسب بيانات جمعها سمسار رئيسي لدى بنك “غولدمان”.
قالت سيما شاه، محلل استراتيجي لدى شركة “برنسيبال غلوبال إنفستورز” (Principal Global Investors): “إن أساسيات السوق مازالت داعمة إلى حد بعيد، والأوضاع المالية جيدة جدا، إننا ننظر إلى مرحلة جديدة في الدورة الاقتصادية، أو على الأقل إلى المرحلة التالية منها. إن أسواقنا حتما تمر بلحظة انتقالية، وهذا هو الوقت الذي يجب عليك أن تتوخى الحذر حقا إزاء أي الشركات تستثمر فيها أموالك”.
تكون حركات التصحيح واضحة وملموسة على مستوى الأسهم المنفردة. ووفقا لبيانات جمعتها “بلومبرغ”، انخفضت قيمة السهم العادي على مؤشر “إس أند بي 500” بنسبة 10% عند أغلاق يوم الجمعة الماضي مقارنة بأعلى مستوى سجلته الأسهم في 52 أسبوعا.
مجموعة التكنولوجيا
وساعد عمالقة التكنولوجيا مثل “فيسبوك” و “أمازون” و “أبل” و “مايكروسوفت” و “ألفابيت” مالكة “غوغل” السوق على التماسك، وهي الشركات التي تعرف اختصارا باسم “فاانغ” (Faang). ولولا تأثير هذه الشركات الخمس لانخفضت نسبة الزيادة في مؤشر “إس أند بي 500” إلى النصف، والتي بلغت 4% خلال الفصل الحالي.
ومع ذلك، لا يمكن الرهان على أسهم مثل أسهم “التكنولوجيا الكبيرة” أن تستمر في دعم السوق إلى أجل غير مسمى، كما يقول مايك ويلسون، المحلل الاستراتيجي الرئيسي لأسهم الولايات المتحدة لدى بنك “مورغان ستانلي” (Morgan Stanley). فقد دخلت الأسهم مرحلة في دورة السوق، حيث يميل تقييمها نحو الانكماش ولا تستطيع حتى أكثر الشركات تماسكا وثباتا أن تفلت من تأثيرها السلبي، بحسب ويلسون. وعادة يبدأ الإنكسار في الحلقات الضعيفة قبل أن يمتد الاضطراب حتى يسقط الأقوى، وهي العملية التي يطلق عليها ويلسون “التصحيح الدوار” (rolling correction).
كتب “ويلسون” في مذكرة لعملائه الخميس الماضي: “سوف ينتهي التصحيح الدوار بتدعيم مناطق القيادة الأعلى جودة في السوق، ونعتقد إن خطوة النهاية سوف تحدث في المدى القصير وسوف تؤدي إلى معامل تصحيح يبلغ نحو 10%”.